بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في أيام رمضان نتذكر دائما أيام طفولتنا , حين كنا في السابعة من عمرنا , كنا أطفال نمرح دوما حين تعليق فانوس رمضان و تعليق الزينة أيضا ...
لن أنسى تلك الأيام أبدا ما حيّت , كنا تقريبا خمس عشرة بنين منهم و البنات , ننتظر الإطلاع على هلال رمضان و إعلان شهر رمضان . . .
كنا في قرية صغيرة لم يصل الكهرباء إليها بعد , و حان موعد الإطلاع على هلال رمضان ....
جاء رجل طاعن في السن يرتدي جلباب اخضر او اسود و يرتدي قبعة غريبة الشكل , و يحمل بيده فانوس رمضان كي ينير له الطريق و من خلفه خمس عشرة طفلا و كنت أنا واحد منهم ...
يتحرك هذا الرجل الى أعلى قمة موجودة في هذه القرية للإطلاع على الهلال و هو يتحرك و نحن نغني من خلفه و هو يصعد و نحن نغني , فكاد ان تنقطع أنفاسنا , حتى وصل الى أعلى قمة و منها نرى القرية بأكملها منيرة بأنوار الحب و الدفء الذي يحوي جميع أفراد القرية و كأنهم أسرة واحدة . . .
* * * * * * *
بعد عصر التكنولوجيا الذي نمر به و عصر العولمة , تغيرت معالم الأعياد و المناسب امتنا الإسلامية , لم يعد رمضان رمضان و لم يعد العيد عيد و لكن اللهم نمارس طقوس هذه العبادة . . . .
أكثر ما أحبه في شهر رمضان المعظم هو الاجتماع , اجتماع العائلة جميعا على سفرة واحدة , قبل رمضان الجميع يكن مشغولا في أعمال و اهتماماته , و عند حلول الشهر المعظم " كبير العائلة " يدعوا جميع أفرادها لتناول الإفطار في بيته على سفرة واحدة , و هذا كان اكثر شي يعجبني ... كنت حينها في الخامسة عشر من عمري .....
من ضمن الأشياء التي كانت تثير إعجابي و تثير أعجاب الأطفال اختراع صغير اسمه " الفتاش " او الصواريخ او الألعاب النارية , كنا دائما نشعلها في حارة الصغيرة مما كنا نثير غضب الباعة و أصحاب المتاجر الصغيرة ..
و تلك الأثناء اسمع صوت والدتي تصرخ و تقول : " اذهب إلى السوق و احضر لي ما طلبته منك "
اشعر بالحزن الشديد , حيث باقي على مبارة كرة القدم اقل من ثلاث دقائق , و لكن بسرعة واهية اتجه الى الغفير او بواب البيت و اطلب منه أن يجلب لي الطلبات التي نريدها ... و انا اشرع في لعب كرة القدم مع أصدقائي ...
* * * * * * *
عندما كنت العب مع أصدقائي رأيت أمامي جدي مرتديا جلبابا ابيض يتحرك بعصاه و يقول لي :
" هيا يا ولدي , هيا لصلاة العصر "
أمسكت يدا جدي و تحركنا نحو المسجد دون ان أودع أصدقائي كي نصلي العصر و نبدأ لسمع خطبة الشيخ بعد الصلاة ...
جلسنا أمامه و بدا يتحدث عن فضائل شهر رمضان الكريم
(( من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زمانا ومكانا، ففضل بعض الأمكنة على بعض ، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان } ( البقرة 185) ، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ) رواه أحمد .
وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } (البقرة:183) .
وهو شهر التوبة والمغفرة ، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم ، من صامه وقامه إيماناً بموعود الله ، واحتساباً للأجر والثواب عند الله ، غفر له ما تقدم من ذنبه ، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال أيضاً : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) . ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله ، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام ، وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله .
وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال صلى الله عليه وسلم : ( وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي .
وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ) ، وفي لفظ ( وسلسلت الشياطين ) ، أي أنهم يجعلون في الأصفاد والسلاسل ، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره .
وهو شهر الصبر ، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم ، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها ، ولهذا كان الصوم نصف الصبر ، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر:10).
وهو شهر الدعاء ، قال تعالى عقيب آيات الصيام: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } ( البقرة:186) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم ) رواه أحمد .
وهو شهر الجود والإحسان ولذا كان صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في الصحيح - أجود ما يكون في شهر رمضان .
وهو شهر فيه ليلة القدر ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل ألف شهر ، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: { ليلة القدر خير من ألف شهر } (القدر:3) ، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم ) .
فانظر يا رعاك الله إلى هذه الفضائل الجمّة، والمزايا العظيمة في هذا الشهر المبارك ، فحري بك - أخي المسلم - أن تعرف له حقه , وأن تقدره حق قدره ، وأن تغتنم أيامه ولياليه ، عسى أن تفوز برضوان الله، فيغفر الله لك ذنبك وييسر لك أمرك، ويكتب لك السعادة في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام. ))
* * * * * * *
خرجت مع ابي من المسجد و هو يلقي التحية على من يراه أمامه و يهنئه بالشهر الكريم حتى قال لي :
" لا أريدك يا ولدي ان تقطع الصلاة ابدا , فإنها عمود الدين "
فبقينا نتحرك و نتحرك حتى وصلنا الى بيتنا . . .
رأيت الأصدقاء ينادونني بخلسة كي اذهب و العب معهم , و لكن لم يكن ذلك بمقدوري لان جدي يمسك يداي بقوة , فاعتذرت لهم دون ان أتكلم معهم ..
صعدنا الى بيتنا الكبير فوجدت الجميع مشغولا بتحضير الطعام , فنظرت الى الساعة المعلقة فرأيتها تشير الى الخامسة و نصف , ها قد اقترب موعد أذان المغرب ..
ذهبت الى المطبخ و قمت بمساعدة والدتي في تحضير الطعام حتى انتهيت فجلس الجميع حول طاولة الطعام التي طولها ثلاث أمتار , فيجلس أولا جدي في واجهة الطاولة كي يرى الجميع ثم يجلس ابي و أعمامي الثلاث و أزواجهن و أولادهن و بناتهن صفا صفا , حيث كنا تقريبا نبلغ واحد و عشرون فردا ,
منتظرين سماع " الله اكبر "
اما بخصوص الطعام و فكل ما لذ و طاب :
أنا دائما أفضل الطعام السوري الأصيل الذي أفتقده حاليا بعد سفري للخارج , ...
دخلت البيت منبهر لما يحدث , الجميع مشغول بنقل الطعام و هذا يصرخ و ذلك يضحك و هذاك يتحدث عبر الهاتف و لا يبالي لما يحدث من حوله ...
( ورق العنب ام ما يسمى اليبرق )
اكثر ما احبه فيه تلك الأكلة الجبارة , الشوربة الخضراء ما شاء الله عليها ...
( المحشي على طريقتنا السورية )
على حد علمي فقط ان المحشي هو كوسة و باذنجان , عند سفري للخارج عرفت ان هناك كرومب و بدون لحم , اشتهيت للأيام القديمة
( الفريك , و الملوخية ).
ظهرت مقولة جديدة اسمها " الفريك لا يحب الشريك "
بالرغم ان ولدتي تعد لنا الفريك دائما مقترن بالأزر الأبيض و عليها قطع دجاج مسلوقة , سبحان الله طعم ياخذ ضبنات العقل ...
ثانيا الملوخية ..
في سفري للخارج للأسف اصبحت الملوخية كما كنت اعهدها , في تلك الأيام السابقة كنا نعّد الملوخية بورقها دون تقطيع ,و كأننا نأكل ورق الشجر تماما – كما اناس قالت لي – و عليها ايضا قطع دجاج مسلوقة ...
كم اتمنى الآن في هذه اللحظة يعدوا على الإفطار ملوخية
(الفلافل بالسمسم اللبنانية و التسقية)
طبعا الجميع سوف ينتعني بالمجنون ...
الفلافل التي اقصدها تكلفة عملها كالتكلفة وجبة لحم مشوي , كنت أتمنى ان أكن قد التقط صورة لها ..
على العموم , الفلافل على الطريقة البنانية عبارة عن عجيبة فلافل و بداخلها حمص الشام , مع بعض التوابل و النعنع الأساس لطعم الذ ...
مع طبق خاص للسلطة و طبق خاص للنعنع الإضافي و طبق آخر للطحينة , و خبر شامي كبير ...
وتذوق أحلى طعم رأيته في حياتك
اما الآم اصبحت الفلافل – طعمية و بالفول و ليست بالحمص
آخيرا أكلة التسقية ...
هي أكلة غريبة الاسم ..
هي تتكون من حمص مسلوق خبز أبيض , زيت زيتون أصلي , ثوم , كمون مع الطحينة و ننثر عليها بعض البقدونس و بعض حبات حمص الشام
البعض لا يحبها نهائي هذا بسبب السمنة التي رائحتها لا تقاوم ..
تم توزيع علينا الماء بالتساوي , ثم العصير التمر الهندي الأصيل الذي لا اطيق رائحته و افضل ان اشربه من السوق , لأنه مزور – و خفيف :6496583451256388063
سمعنا الأذن و انا متشوق لشربة ماء , اليوم افرطنا في اللعب و اريد ان اشفي عروق .. و لكن جدي بعد سماع الأذن يقول : " اللهم اني لك صمت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وعلى رزقكك افطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله "
و رددنا جميعا ورا و نحن نتمنى ان تنقضي تلك اللحظة بسرعة البرق ..
و شربت بسرعة الماء على مرة واحدة حتى أخي يجلس بجوار قال : " هون عليك "
ثاني خطوة التمر او البلح او سيد الطعام ...
امام كل فرد منا طبق صغير به ثلاث او اربع من التمر يتناوله كلا منا قبل الطعام و هذا مفيد جدا...
فالمعروف علميًا أنه فى آخر ساعات الصيام يحدث انخفاض لمستوى السكر فى الدم مما يؤثر على المخ مسببًا خمولاً وشعورًا بالضعف وعدم القدرة على التركيز والتفكير (ما يعرف بالخمول الذهنى) مع قلة النشاط العضلي والحركة (ما يعرف بالخمول الحركى) وأيضًا فإن المعدة تكون فى حالة شبه ساكنة وغدد الخمائر والإنزيمات الهاضمة بالمعدة فى حالة خمول لقلة السوائل فى الجسم. وعلى هذا الأساس فإن الجسم عند بدء الإفطار يحتاج إلى نوعية دقيقة من الغذاء يحقق المعادلة الصعبة للجسم بأن يكون : سريع الهضم حتى لا يرهق المعدة الخاملة وينشط حركتها وسريع الامتصاص والوصول للمخ والعضلات لإزالة الخمول الذهنى والعضلى وتنشيط الجسم بسرعة .
ونجد منقوع التمر فى الماء أو الحليب هو الغذاء الوحيد الذى يحقق هذه المعادلة خلال 20 دقيقة من تناول
فالتمر وسائل التمر يحتوى على سكريات أحادية لا تحتاج إلى هضم.
سكريات منقوع التمر سريع الامتصاص فى الدم ومنه للمخ والعضلات.
سائل منقوع التمر ينبه وينشط ويمد غدد الإفرازات المعدية بالسوائل.
ثم الخطوة التالية و هي الشوربة و لا الذ منها
و الشوربات التي أفضل هي شوربة مرقة الدجاج و الشعرية ...
بعد الانتهاء نتوجه الى الطعام الساخن الذي ينتظرني ..
بعد الانتهاء من تلك الحفلة نحن الأطفال نساعد أمهاتنا الى نقل الطعام الى المطبخ للتنظيف و لا اصدق حين انتهى أتوجه الى أبي و اطلب منه مالا فيرفض فأتوجه الى جدي , فيعطيني ما أريد و أبدا في شراء المقرمشات و الأطعمة الخفيفة و ابدا باللهو مع أصدقائي باستخدام الألعاب النارية ...
وبعد دقائق يحين صلاة العشاء فيأخذني جدي لقضاء صلاة العشاء و نبدأ في ممارسة صلاة التراويح تدريجيا .
* * * * * * *
هذه حياتنا في رمضان عندما كنا أطفال , الآن نفتقد كل هذا , مع تقدم الحياة و تقدم التكنولوجيا تغيرت كل معالم رمضان في جميع نفوس البشر , إلا ما رحم ربي ..
انا سعيد بكتابة هذا الموضوع و سعيد أيضا اني طرحته في هذا المنتدى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في أيام رمضان نتذكر دائما أيام طفولتنا , حين كنا في السابعة من عمرنا , كنا أطفال نمرح دوما حين تعليق فانوس رمضان و تعليق الزينة أيضا ...
لن أنسى تلك الأيام أبدا ما حيّت , كنا تقريبا خمس عشرة بنين منهم و البنات , ننتظر الإطلاع على هلال رمضان و إعلان شهر رمضان . . .
كنا في قرية صغيرة لم يصل الكهرباء إليها بعد , و حان موعد الإطلاع على هلال رمضان ....
جاء رجل طاعن في السن يرتدي جلباب اخضر او اسود و يرتدي قبعة غريبة الشكل , و يحمل بيده فانوس رمضان كي ينير له الطريق و من خلفه خمس عشرة طفلا و كنت أنا واحد منهم ...
يتحرك هذا الرجل الى أعلى قمة موجودة في هذه القرية للإطلاع على الهلال و هو يتحرك و نحن نغني من خلفه و هو يصعد و نحن نغني , فكاد ان تنقطع أنفاسنا , حتى وصل الى أعلى قمة و منها نرى القرية بأكملها منيرة بأنوار الحب و الدفء الذي يحوي جميع أفراد القرية و كأنهم أسرة واحدة . . .
* * * * * * *
بعد عصر التكنولوجيا الذي نمر به و عصر العولمة , تغيرت معالم الأعياد و المناسب امتنا الإسلامية , لم يعد رمضان رمضان و لم يعد العيد عيد و لكن اللهم نمارس طقوس هذه العبادة . . . .
أكثر ما أحبه في شهر رمضان المعظم هو الاجتماع , اجتماع العائلة جميعا على سفرة واحدة , قبل رمضان الجميع يكن مشغولا في أعمال و اهتماماته , و عند حلول الشهر المعظم " كبير العائلة " يدعوا جميع أفرادها لتناول الإفطار في بيته على سفرة واحدة , و هذا كان اكثر شي يعجبني ... كنت حينها في الخامسة عشر من عمري .....
من ضمن الأشياء التي كانت تثير إعجابي و تثير أعجاب الأطفال اختراع صغير اسمه " الفتاش " او الصواريخ او الألعاب النارية , كنا دائما نشعلها في حارة الصغيرة مما كنا نثير غضب الباعة و أصحاب المتاجر الصغيرة ..
و تلك الأثناء اسمع صوت والدتي تصرخ و تقول : " اذهب إلى السوق و احضر لي ما طلبته منك "
اشعر بالحزن الشديد , حيث باقي على مبارة كرة القدم اقل من ثلاث دقائق , و لكن بسرعة واهية اتجه الى الغفير او بواب البيت و اطلب منه أن يجلب لي الطلبات التي نريدها ... و انا اشرع في لعب كرة القدم مع أصدقائي ...
* * * * * * *
عندما كنت العب مع أصدقائي رأيت أمامي جدي مرتديا جلبابا ابيض يتحرك بعصاه و يقول لي :
" هيا يا ولدي , هيا لصلاة العصر "
أمسكت يدا جدي و تحركنا نحو المسجد دون ان أودع أصدقائي كي نصلي العصر و نبدأ لسمع خطبة الشيخ بعد الصلاة ...
جلسنا أمامه و بدا يتحدث عن فضائل شهر رمضان الكريم
(( من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زمانا ومكانا، ففضل بعض الأمكنة على بعض ، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان } ( البقرة 185) ، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان ) رواه أحمد .
وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، فقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } (البقرة:183) .
وهو شهر التوبة والمغفرة ، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم ، من صامه وقامه إيماناً بموعود الله ، واحتساباً للأجر والثواب عند الله ، غفر له ما تقدم من ذنبه ، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال أيضاً : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) . ومن أدركه فلم يُغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله ، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام ، وأمَّن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، فما ظنك بدعوة من أفضل ملائكة الله، يؤمّن عليها خير خلق الله .
وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال صلى الله عليه وسلم : ( وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي .
وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ، وتصفد الشياطين، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ) ، وفي لفظ ( وسلسلت الشياطين ) ، أي أنهم يجعلون في الأصفاد والسلاسل ، فلا يصلون في رمضان إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره .
وهو شهر الصبر ، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم ، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها ، ولهذا كان الصوم نصف الصبر ، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر:10).
وهو شهر الدعاء ، قال تعالى عقيب آيات الصيام: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } ( البقرة:186) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم ) رواه أحمد .
وهو شهر الجود والإحسان ولذا كان صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في الصحيح - أجود ما يكون في شهر رمضان .
وهو شهر فيه ليلة القدر ، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل ألف شهر ، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: { ليلة القدر خير من ألف شهر } (القدر:3) ، روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم ) .
فانظر يا رعاك الله إلى هذه الفضائل الجمّة، والمزايا العظيمة في هذا الشهر المبارك ، فحري بك - أخي المسلم - أن تعرف له حقه , وأن تقدره حق قدره ، وأن تغتنم أيامه ولياليه ، عسى أن تفوز برضوان الله، فيغفر الله لك ذنبك وييسر لك أمرك، ويكتب لك السعادة في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام. ))
* * * * * * *
خرجت مع ابي من المسجد و هو يلقي التحية على من يراه أمامه و يهنئه بالشهر الكريم حتى قال لي :
" لا أريدك يا ولدي ان تقطع الصلاة ابدا , فإنها عمود الدين "
فبقينا نتحرك و نتحرك حتى وصلنا الى بيتنا . . .
رأيت الأصدقاء ينادونني بخلسة كي اذهب و العب معهم , و لكن لم يكن ذلك بمقدوري لان جدي يمسك يداي بقوة , فاعتذرت لهم دون ان أتكلم معهم ..
صعدنا الى بيتنا الكبير فوجدت الجميع مشغولا بتحضير الطعام , فنظرت الى الساعة المعلقة فرأيتها تشير الى الخامسة و نصف , ها قد اقترب موعد أذان المغرب ..
ذهبت الى المطبخ و قمت بمساعدة والدتي في تحضير الطعام حتى انتهيت فجلس الجميع حول طاولة الطعام التي طولها ثلاث أمتار , فيجلس أولا جدي في واجهة الطاولة كي يرى الجميع ثم يجلس ابي و أعمامي الثلاث و أزواجهن و أولادهن و بناتهن صفا صفا , حيث كنا تقريبا نبلغ واحد و عشرون فردا ,
منتظرين سماع " الله اكبر "
اما بخصوص الطعام و فكل ما لذ و طاب :
أنا دائما أفضل الطعام السوري الأصيل الذي أفتقده حاليا بعد سفري للخارج , ...
دخلت البيت منبهر لما يحدث , الجميع مشغول بنقل الطعام و هذا يصرخ و ذلك يضحك و هذاك يتحدث عبر الهاتف و لا يبالي لما يحدث من حوله ...
( ورق العنب ام ما يسمى اليبرق )
اكثر ما احبه فيه تلك الأكلة الجبارة , الشوربة الخضراء ما شاء الله عليها ...
( المحشي على طريقتنا السورية )
على حد علمي فقط ان المحشي هو كوسة و باذنجان , عند سفري للخارج عرفت ان هناك كرومب و بدون لحم , اشتهيت للأيام القديمة
( الفريك , و الملوخية ).
ظهرت مقولة جديدة اسمها " الفريك لا يحب الشريك "
بالرغم ان ولدتي تعد لنا الفريك دائما مقترن بالأزر الأبيض و عليها قطع دجاج مسلوقة , سبحان الله طعم ياخذ ضبنات العقل ...
ثانيا الملوخية ..
في سفري للخارج للأسف اصبحت الملوخية كما كنت اعهدها , في تلك الأيام السابقة كنا نعّد الملوخية بورقها دون تقطيع ,و كأننا نأكل ورق الشجر تماما – كما اناس قالت لي – و عليها ايضا قطع دجاج مسلوقة ...
كم اتمنى الآن في هذه اللحظة يعدوا على الإفطار ملوخية
(الفلافل بالسمسم اللبنانية و التسقية)
طبعا الجميع سوف ينتعني بالمجنون ...
الفلافل التي اقصدها تكلفة عملها كالتكلفة وجبة لحم مشوي , كنت أتمنى ان أكن قد التقط صورة لها ..
على العموم , الفلافل على الطريقة البنانية عبارة عن عجيبة فلافل و بداخلها حمص الشام , مع بعض التوابل و النعنع الأساس لطعم الذ ...
مع طبق خاص للسلطة و طبق خاص للنعنع الإضافي و طبق آخر للطحينة , و خبر شامي كبير ...
وتذوق أحلى طعم رأيته في حياتك
اما الآم اصبحت الفلافل – طعمية و بالفول و ليست بالحمص
آخيرا أكلة التسقية ...
هي أكلة غريبة الاسم ..
هي تتكون من حمص مسلوق خبز أبيض , زيت زيتون أصلي , ثوم , كمون مع الطحينة و ننثر عليها بعض البقدونس و بعض حبات حمص الشام
البعض لا يحبها نهائي هذا بسبب السمنة التي رائحتها لا تقاوم ..
تم توزيع علينا الماء بالتساوي , ثم العصير التمر الهندي الأصيل الذي لا اطيق رائحته و افضل ان اشربه من السوق , لأنه مزور – و خفيف :6496583451256388063
سمعنا الأذن و انا متشوق لشربة ماء , اليوم افرطنا في اللعب و اريد ان اشفي عروق .. و لكن جدي بعد سماع الأذن يقول : " اللهم اني لك صمت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وعلى رزقكك افطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله "
و رددنا جميعا ورا و نحن نتمنى ان تنقضي تلك اللحظة بسرعة البرق ..
و شربت بسرعة الماء على مرة واحدة حتى أخي يجلس بجوار قال : " هون عليك "
ثاني خطوة التمر او البلح او سيد الطعام ...
امام كل فرد منا طبق صغير به ثلاث او اربع من التمر يتناوله كلا منا قبل الطعام و هذا مفيد جدا...
فالمعروف علميًا أنه فى آخر ساعات الصيام يحدث انخفاض لمستوى السكر فى الدم مما يؤثر على المخ مسببًا خمولاً وشعورًا بالضعف وعدم القدرة على التركيز والتفكير (ما يعرف بالخمول الذهنى) مع قلة النشاط العضلي والحركة (ما يعرف بالخمول الحركى) وأيضًا فإن المعدة تكون فى حالة شبه ساكنة وغدد الخمائر والإنزيمات الهاضمة بالمعدة فى حالة خمول لقلة السوائل فى الجسم. وعلى هذا الأساس فإن الجسم عند بدء الإفطار يحتاج إلى نوعية دقيقة من الغذاء يحقق المعادلة الصعبة للجسم بأن يكون : سريع الهضم حتى لا يرهق المعدة الخاملة وينشط حركتها وسريع الامتصاص والوصول للمخ والعضلات لإزالة الخمول الذهنى والعضلى وتنشيط الجسم بسرعة .
ونجد منقوع التمر فى الماء أو الحليب هو الغذاء الوحيد الذى يحقق هذه المعادلة خلال 20 دقيقة من تناول
فالتمر وسائل التمر يحتوى على سكريات أحادية لا تحتاج إلى هضم.
سكريات منقوع التمر سريع الامتصاص فى الدم ومنه للمخ والعضلات.
سائل منقوع التمر ينبه وينشط ويمد غدد الإفرازات المعدية بالسوائل.
ثم الخطوة التالية و هي الشوربة و لا الذ منها
و الشوربات التي أفضل هي شوربة مرقة الدجاج و الشعرية ...
بعد الانتهاء نتوجه الى الطعام الساخن الذي ينتظرني ..
بعد الانتهاء من تلك الحفلة نحن الأطفال نساعد أمهاتنا الى نقل الطعام الى المطبخ للتنظيف و لا اصدق حين انتهى أتوجه الى أبي و اطلب منه مالا فيرفض فأتوجه الى جدي , فيعطيني ما أريد و أبدا في شراء المقرمشات و الأطعمة الخفيفة و ابدا باللهو مع أصدقائي باستخدام الألعاب النارية ...
وبعد دقائق يحين صلاة العشاء فيأخذني جدي لقضاء صلاة العشاء و نبدأ في ممارسة صلاة التراويح تدريجيا .
* * * * * * *
هذه حياتنا في رمضان عندما كنا أطفال , الآن نفتقد كل هذا , مع تقدم الحياة و تقدم التكنولوجيا تغيرت كل معالم رمضان في جميع نفوس البشر , إلا ما رحم ربي ..
انا سعيد بكتابة هذا الموضوع و سعيد أيضا اني طرحته في هذا المنتدى